منتدى صناع النجاح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بجميع التلاميذ إلى هذا الفضاء من أجل التحاور والتشاور وتبادل الأراء والمعلومات


    المؤمن القوي أحب إلى الله

    avatar
    charkout-yasser


    المساهمات : 247
    تاريخ التسجيل : 18/02/2009

    المؤمن القوي أحب إلى الله Empty المؤمن القوي أحب إلى الله

    مُساهمة  charkout-yasser الأحد مارس 22, 2009 8:15 am

    المؤمن القوي أحب إلى الله


    "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك بشيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم عن أبي هريرة.

    هذا الحديث النبوي هو إلهام لنا مقصده النهي عن العجز، أي لا تكن عاجزا عن الأخذ بالأسباب طلبا للرزق؛ والدفع إلى العزة والكرامة، وهذا لن يكون إلا بالعمل الجاد وعدم التواكل، وهو ترك العمل بدعوى الزهد المرفوض شرعا، لأنه كما قال العلماء "ليس الزاهد من لا مال عنده، بل الزاهد من لم يشغل المال قلبه وإن أوتي مثل ما أوتي قرون".

    إنها وصية تنفع الناس، فالرسول عليه الصلاة والسلام يرغبنا– كمؤمنين– لنكون من الأقوياء في مظهرنا ومخبرنا وفي جميع شؤون حياتنا الدنيوية والأخروية؛ وهذا يعود إلى أن الدين الإسلامي هو دين القوة، ولذا أمر الله المسلمين أن يأخذوا بأسباب القوة حتى تتحقق لهم عوامل النصر والبقاء في الدنيا، والسعادة في الآخرة؛ وأمر الأمة الإسلامية أن تكون قوية في إيمانها وصلتها بالله ورسوله، حيث إن الإيمان هو الركيزة الأولى في خلق الحياة الطيبة، يربي في النفوس الفضائل ويغرس فيها الإخلاص في العمل، فالعامل يراقب نفسه بنفسه حتى لا يقصر، وقوة الايمان تدفعه في صلابة إلى مضاعفة الجهد، وإلى حسن الإنتاج وزيادته لسعادة أمته ورفاهيتها، وتذكّره بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه إنسان أو دابة أو طير إلا كان له به صدقة" وبقوله عليه الصلاة والسلام "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".

    والأمة التي تخوض معركة البناء تحتاج إلى الأيدي المخلصة والسواعد الفتية التي تعمل على زيادة الإنتاج في كل ميدان من ميادين العمل حتى توفر للشعب سبل نهضته وأسباب رقيّه؛ قال الله تعالى "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" "الكهف آية 30" والحياة الدنيا حياة العمل لعز الدنيا وشرف الآخرة قال الله تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" "التوبة آية 105".

    والعمل يحتاج إلى قوة الروح وقوة الجسم، ولا تقوى الروح إلا بعبادة الله حيث يستيقظ الضمير ويحيا القلب ويعيش الإنسان مع ربه يخافه ويخشاه، قال تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" "الذاريات آيات 56- 58" وقوة الأجسام لا تكون إلا حين تتوافر مطالبها من الإنتاج الزراعي الذي هو ثمرة جهد الفلاح وكدحه وكفاحه من أجل وطنه فهو أحد أبنائه ولبنة في صرح بنائه، ومن الإنتاج الصناعي الذي تعمل الأمة جاهدة على توفيره الأمر الذي يحتم على العمال الإخلاص لعملهم والسعي الدائب لإتقانه وزيادته حتى تحصل الأمة على ثروة تعمر بها وتبني وتوفر لأبنائها وسائل الحياة الكريمة العزيزة.

    كما تجد من بينهم من يمكن أن يكون عدّتها في الشدائد وسندها في الخطوب والملمّات وقوتها التي تدفع بها كل عدوان وتردّ كيد كل باغ عن حماها الكريم، وبذلك تعيش مرهوبة الجانب موفورة القوة لها ما تستحق في الدنيا من إجلال وإعظام وإكبار.

    والقرآن الكريم يدعونا إلى أن نأخذ بأسباب القوة، قال تعالى "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة" "الأنفال آية 60"، وأعزّ قوة هي القائمة على القانون الصحي الطبيعي الذي لا يعتمد إلا على الشافيات للمرضى التي جعلها الله رحمة للناس وهي الماء، والهواء، والضوء، وهي حق شائع بين كافة الناس وبفضل هذه يكون الجسم سليما والعقل سليما.

    والحديث يطول عن هذه القضية، وأكتفي بحديث خاتم المرسلين الذي رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن محصن الأنصاري "من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا" وفي حديث أبي هريرة "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونروك من الماء البارد"؟. وقد قال بعض السلف في قوله تعالى "ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم" "التكاثر آية 8" قال: عن الصحة. وفي هذه القضية الصحية حديث طويل أفادنا به القرآن والرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديثه العديدة.

    لا ننسى أن للإنسان في الحياة آمال عريضة وأهداف قريبة وبعيدة ولكن الطريق إليها شائك وطويل، والعقبات متنوعة، والمعوقات كثيرة، بعضها من الطبيعة وسنن الله فيها، وبعضها من البشر أنفسهم، فلا غرو أن يظل الإنسان في جهاد دائب وعمل متواصل ليتغلب على الآلام والمعوقات ويحقق الأهداف، والآمال؛ وما أشدّ حاجة الإنسان إلى قوة تسند ظهره وتشدّ أزره وتنير له الطريق، وليست هذه القوة المنشودة إلا في ظلال العقيدة ورحاب الإيمان بالله الذي يمدّ عبده بروح القوة وقوة الروح.

    فالمؤمن حقا لا يخشى إلا عذاب الله لأن الخالق منحه القوة فصار قويا، وإن لم يكن في يديه سلاح، وغني وإن لم تمجّ خزائنه بالفضة والذهب، وعزيز وإن لم يكن وراءه عشيرة وأتباع وراسخ وإن اضطربت سفينة الحياة وأحاط بها الموج من كل مكان فهو بإيمانه أقوى من البحر والموج والرياح، وفي الحديث "لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال".

    وهذه القوة في الفرد مصدر لقوة المجتمع كله، وما أسعد المجتمع بالأقوياء الراسخين من أبنائه، وما أشقاه بالضعفاء المهازيل الذين لا ينصرون صديقا، ولا يخيفون عدوّا، ولا تقوم بهم نهضة أو ترتفع بهم راية، وهذا يجرني أن أذكّر كل مسلم بأهمية الإخلاص في القول والعمل والشعور بأن إخوته له وهو لهم يعينونه إذا شُهد ويحفظونه إذا غاب، ويواسونه عند الشدة ويؤنسونه عند الوحشة، ويأخذون بيده إذا عثر ويسندونه إذا خارت قواه.

    فهو حين يعمل يحس بمشاركتهم، وحين يجاهد يضرب بقوتهم، وعلى قدر نصيب المرء من الإيمان يكون نصيبه من تلك القوة ومن ثمارها في المؤمن الصادق في كل حال، والعدل في كل حين، يقول الحق ولو كان مرا، لا يعمل لشهوة عارضة، ولا لنزوة طارئة، ولا لمنفعة شخصية، ولا لعصبية جاهلية، ولا للبغي على أحد من البشر، ولكنه بعمل للحق والحق أحق أن ينتصر، والباطل أولى أن يندثر "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" "الأنبياء آية 18" والله في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه على الحق.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:31 pm