ولدته الأم و خشيت عليه نقمة الملك الحاكم ،
وضعته في تابوت من خشب و ألقته في اليمّ لترعاه عين الرّحمن
حمله الماء و تمايل تابوته فوق صفحته وقذفته الأمواج و هو لا يدري من أين و إلى أين ،
وصل ذاك التابوت إلى تلك الجزيرة التي خلت من الإنس و حيٌّ ليس له من راعٍ إلّا من لا تغفل عينه عن خلقه ،
غزالة ثكلى بوليدها تطوف الجزيرة مشتاقة لصغيرها الرّاحل و تبحث بعين الأمل و اشتياق الحنان علّها تجد رضيعها ،
لمحت حيّاً إنسياً رضيعاً ملقىً على ذاك الشاطئ يبكي و يناغي و جوعٌ يقضّ مضجعه ،
اقتربت منه و تشمّمته ،
و يكأنه رضيعي الراحل ،
غزالةٌ فقدت وليدها و وليدٌ بلا أمٍّ والأمّ قد فوّضت أمر صغيرها إلى رحمن العالمين ،
مالت تلك الغزالة الأم على ذاك الصغير و استلقت و لقّمته ثديها ليرضع حليب الحياة ،
و نشأ الصغير في كنف الغزالة في جزيرة الوحدة و ليبدأ رحلة حياة العقل و الروح ،
و لسبع سنين بقيت الأمّ و الوليد معاً ،
و في يومٍ وجد أمّه الغزالة مسجّاة و لا حراك ،
تفحّصها و قلَّبها و لا حياة ،
ناداها و لا مجيب ،
إنّه الموت .. لسنا إذاً نعيش خالدين فإلى أين الرّحيل من بعد سكون الحياة وموت الأجساد ،
تفكّر حيُّ العقل و نظر إلى السموات ، ليس عبثاً أن خُلِقنا ،
من مبدع تلك النجوم و باعث الحياة في الوجود ؟
حيُّ العقل بدأ يستجلي حقائق هذا الوجود
و بالعقل أعملَ تفكيره و اختلى قاصداً أن يصل إلى ما اعتقده باليقين موجوداً ،
كلُّ موجودٍ له علّةٌ في وجوده و علّةٌ تسبقها علّة
لابدّ من وجودٍ من دون علّة ، سَبَّبَ تلك العلل و أَوجدَ هذا الوجود
و رحلة حيٍّ بقيت تسير في طريق معرفة واجب الوجود
اختلى و تخلَّى و ترك غذاء الأجساد حيناً ليتفرّغ لغذاء الروح و العقل
و نفحات العلم و الحقيقة تتوارد إليه
وبسلامة الفطرة عرف حيٌّ ربّه تبارك و تعالى
و شهد بوحدانيّة الخالق و نطق لسانه بما آمن به قلبه :
{ أشهد أن لا إله إلّا الله }
{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }.
يقول رسولنا الكريم و حبيب قلوبنا صلوات ربّي و سلامه عليه و على آله و صحبه :
{كل مولود يولد على الفطرة } .
نسأل الله تعالى أن يعمر قلوبنا بحبّه و أن يثبّتنا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا و في الآخرة و أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها و أن ينصرنا و يهدينا سواء السّبيل .
{ إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهمُ الملائكة ألّا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون } .
كلّ جُمُعَةٍ و أنتم بخير و الإيمان يعمرالقلوب لتتعلّق بمحبّة الله و الشوق لنفحاته و الرجاء لرحمته .
………………………………
خاطرة مستوحاة من قصة حيّ بن يقظان لإبن طفيل
وضعته في تابوت من خشب و ألقته في اليمّ لترعاه عين الرّحمن
حمله الماء و تمايل تابوته فوق صفحته وقذفته الأمواج و هو لا يدري من أين و إلى أين ،
وصل ذاك التابوت إلى تلك الجزيرة التي خلت من الإنس و حيٌّ ليس له من راعٍ إلّا من لا تغفل عينه عن خلقه ،
غزالة ثكلى بوليدها تطوف الجزيرة مشتاقة لصغيرها الرّاحل و تبحث بعين الأمل و اشتياق الحنان علّها تجد رضيعها ،
لمحت حيّاً إنسياً رضيعاً ملقىً على ذاك الشاطئ يبكي و يناغي و جوعٌ يقضّ مضجعه ،
اقتربت منه و تشمّمته ،
و يكأنه رضيعي الراحل ،
غزالةٌ فقدت وليدها و وليدٌ بلا أمٍّ والأمّ قد فوّضت أمر صغيرها إلى رحمن العالمين ،
مالت تلك الغزالة الأم على ذاك الصغير و استلقت و لقّمته ثديها ليرضع حليب الحياة ،
و نشأ الصغير في كنف الغزالة في جزيرة الوحدة و ليبدأ رحلة حياة العقل و الروح ،
و لسبع سنين بقيت الأمّ و الوليد معاً ،
و في يومٍ وجد أمّه الغزالة مسجّاة و لا حراك ،
تفحّصها و قلَّبها و لا حياة ،
ناداها و لا مجيب ،
إنّه الموت .. لسنا إذاً نعيش خالدين فإلى أين الرّحيل من بعد سكون الحياة وموت الأجساد ،
تفكّر حيُّ العقل و نظر إلى السموات ، ليس عبثاً أن خُلِقنا ،
من مبدع تلك النجوم و باعث الحياة في الوجود ؟
حيُّ العقل بدأ يستجلي حقائق هذا الوجود
و بالعقل أعملَ تفكيره و اختلى قاصداً أن يصل إلى ما اعتقده باليقين موجوداً ،
كلُّ موجودٍ له علّةٌ في وجوده و علّةٌ تسبقها علّة
لابدّ من وجودٍ من دون علّة ، سَبَّبَ تلك العلل و أَوجدَ هذا الوجود
و رحلة حيٍّ بقيت تسير في طريق معرفة واجب الوجود
اختلى و تخلَّى و ترك غذاء الأجساد حيناً ليتفرّغ لغذاء الروح و العقل
و نفحات العلم و الحقيقة تتوارد إليه
وبسلامة الفطرة عرف حيٌّ ربّه تبارك و تعالى
و شهد بوحدانيّة الخالق و نطق لسانه بما آمن به قلبه :
{ أشهد أن لا إله إلّا الله }
{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }.
يقول رسولنا الكريم و حبيب قلوبنا صلوات ربّي و سلامه عليه و على آله و صحبه :
{كل مولود يولد على الفطرة } .
نسأل الله تعالى أن يعمر قلوبنا بحبّه و أن يثبّتنا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا و في الآخرة و أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها و أن ينصرنا و يهدينا سواء السّبيل .
{ إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل عليهمُ الملائكة ألّا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة التي كنتم توعدون } .
كلّ جُمُعَةٍ و أنتم بخير و الإيمان يعمرالقلوب لتتعلّق بمحبّة الله و الشوق لنفحاته و الرجاء لرحمته .
………………………………
خاطرة مستوحاة من قصة حيّ بن يقظان لإبن طفيل