التحرش الجنسي
أطلق «المركز المصري لحقوق المرأة» حملة تحت عنوان «احترم نفسك» من خلال موقع «فيس بوك» هدفها الرئيس مناهضة التحرش الجنسي ضد المرأة، والتي وصلت لمستويات غير مسبوقة في المجتمع المصري. وحتى لا نظلم المجتمع المصري فإن الظاهرة عالمية تشمل الغرب والشرق، والمجتمعات المتقدمة والمتخلفة، الليبرالية منها والمحافظة على السواء.
لكن اللافت للنظر هنا هو اتساع الظاهرة بشكل كبير، والزيادة الملحوظة من جانب العديد من المراكز الحقوقية المختلفة في الدول العربية من أجل مقاومة ومناهضة الظاهرة، إلى الحد الذي يجعل منها موضوعا ساخنا على قائمة المناقشات البرلمانية العربية في القريب العاجل من أجل إصدار التشريعات الجديدة المغلظة للعقوبات والمتشددة تجاه الظاهرة.
ولا يهدف المركز المصري لحقوق المرأة إلى مقاومة الظاهرة فقط من خلال الإنترنت لكنه يحاول حشد شخصيات عامة إضافة إلى العديد من منظمات المجتمع الأهلية من أجل العمل على إصدار تشريعات جديدة تهدف للحد منها. كما أن البرلمان المغربي سوف يناقش في دورته القادمة مشروع التصديق على مشروع قانون يجرم التحرش الجنسي ويعاقب المتورطين فيه بالسجن وبغرامة مالية.
وأغلب الظن أن بقية الدول العربية سوف تحذو حذو مصر والمغرب عما قريب؛ فالظاهرة لم تعد تتعلق بدولة دون أخرى وبسياق اجتماعي دون آخر بقدر ما استفحلت بدرجة كبيرة ومخيفة تشمل كل الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية والعمرية المختلفة.
ما هو التحرش الجنسي؟ وما هي الأسباب المؤدية لحدوثه؟ وكيف يمكن التغلب عليه والحد من انتشاره ورفضه مجتمعيا؟
يعني التحرش الجنسي كل سلوك معنوي أو مادي، يتم عن طريق الملاحقة والمطاردة والضغط والترهيب والابتزاز واستغلال النفوذ وتعمد الإساءة إلى السمعة وإطلاق الإشاعات المغرضة والمحطة والمهينة، يقوم به أحد الجنسين، رجلا كان أو امرأة، تجاه الطرف الآخر. كما يمكن أن يحدث بين أبناء الجنس الواحد، كأن يتحرش رجل برجل مثله أو بطفل صغير أو تتحرش امرأة بامرأة أخرى من بنات جنسها، من أجل الحصول على متعة جنسية أيا كانت درجتها أو مستوياتها.
وفي تفصيل هذا التعريف يمكن القول بأن التحرش الجنسي قد يشمل النظرات أو التلميحات أو الكلمات أو النكات الفاضحة والمخلة، كما قد يشمل عبارات المديح والثناء والإطراء التي قد لا يقبلها الطرف الآخر، من قبيل الحديث عن الملبس أو الرائحة أو طلاء الوجه أو روعة القوام أو نعومة الكلام أو الذوق أو طريقة السير إلى آخره من مثل تلك العبارات المتبادلة بين الزوجين.
والتي يحاول أحد الأطراف ممارستها تجاه طرف لا يمت له بصلة شرعية ولا يقبلها في الوقت نفسه. كما أنه قد يتعدى هذا المستوى المعنوي إلى المستوى المادي الذي يشمل اللمس المباشر والتحرش بالجسد أيا كان موضع اللمس.
ولا يتم التحرش الجنسي من أجل الاستمتاع بالنظرات والكلمات والإطراء، وإن كانت هذه أدواته الأولى المبكرة، لكنه يهدف في النهاية إلى جسد الطرف الآخر. فالبداية معنوية لكنها ترمي في النهاية إلى الغاية المادية ممثلة في الجسد.
من هنا تبدو كل الجوانب المعنوية وسائل لتحقيق غاية الوصول لهذا الجسد. وهذا ما يجب أن يضعه المشرع في اعتباره من حيث إن مقدمات الإغواء والرغبة في الإيقاع بالطرف الآخر أشد خطورة من الوصول إلى مرحلة الغواية والإيقاع ذاتها، فالتساهل تجاه الوسائل والمقدمات المعنوية مسألة بالغة الخطورة تستدعي التصحيح والمواجهة الحادة والمباشرة. ففي الغالب الأعم لا يوجد تحرش مباشر باللمس بقدر ما يتم ذلك عبر الوسائط المعنوية سالفة الذكر.
من هنا فإن إحدى آليات التحرش المهمة أنه متدرج لا يبدأ مباشرة وبشكل فجائي لكنه يشبه تلك العلاقة بين الصياد والفريسة، فلا بد من نصب الشباك في البداية، وتغيير أوضاعها حسب درجة مقاومة الضحية ومدى تقبلها لما يفرضه الصياد من عدمه.
وإذا كان التحرش الجنسي يشتمل على الجانبين المعنوي والمادي، فإنه يمتلك العديد من الآليات التي يتم من خلالها. ومن أهم تلك الآليات هي الملاحقة والمطاردة، فإذا كانت المعاكسات التي تتم في الشارع عابرة، قد تتم لمرة واحدة فقط، أو حتى لعدة مرات، فإن التحرش في العمل أو في أماكن الدراسة يعتمد بالأساس على الملاحقة والمطاردة المستمرة التي تحيل حياة الطرف الآخر إلى جحيم وهم بالليل والنهار.
من هنا فإن التحرش هو في التحليل النهائي عبارة عن معركة أو تحد يثابر من خلالها أحد الأطراف في سبيل النيل من الطرف الآخر. ورغم الصعوبات المرتبطة بإثبات العديد من حالات التحرش الجنسي فإنه وفقا للآليات التي يتم من خلالها جريمة مع سبق الإصرار والترصد من أجل الإيقاع بالطرف الآخر والتغرير والتمثيل به. ولأنه معركة فإنه لا يقف فقط عند آليات الملاحقة والمطاردة بل يتعداها إلى أية وسائل أخرى تساعد على الإيقاع بالطرف الآخر مثل الترهيب المباشر والابتزاز واستغلال النفوذ، خصوصا في أماكن العمل والدراسة.
ولا يرتبط التحرش الجنسي بطرف دون آخر؛ فالرجل قد يتحرش بالمرأة كما قد تتحرش المرأة بالرجل، لكن آليات التحرش بين الجنسين مختلفة، وإن كانت تتفق في الغاية النهائية ألا وهي الإيقاع بالطرف الآخر.
ورغم أن مسألة التحرش الجنسي ترتبط تاريخيا بالرجال، فإننا لا يجب أن نهمل أية أشكال للتحرش الجنسي قد تمارسها المرأة ضد الرجل. وفي هذا السياق نشير إلى ذلك القدر الهائل من الإباحية والخلاعة التي تتعمدها وتنتهجها الكثير من النساء والفتيات في الملبس والسير وطلاء الوجه وطريقة التحدث، وهو ما يؤدي بنا لنوع آخر من التحرش يمكننا أن نطلق عليه التحرش الجنسي غير المباشر.
وهو تحرش يعتمد أيضا مقدمات الإغواء ويفتح الطريق واسعا وممهدا ومفروشا أمام الرجال لممارسة التحرش الجنسي المباشر، وهو الأمر الذي يستدعي الحديث عن الأسباب المؤدية للتحرش الجنسي في عالمنا العربي على وجه الخصوص.
cdabcd
أطلق «المركز المصري لحقوق المرأة» حملة تحت عنوان «احترم نفسك» من خلال موقع «فيس بوك» هدفها الرئيس مناهضة التحرش الجنسي ضد المرأة، والتي وصلت لمستويات غير مسبوقة في المجتمع المصري. وحتى لا نظلم المجتمع المصري فإن الظاهرة عالمية تشمل الغرب والشرق، والمجتمعات المتقدمة والمتخلفة، الليبرالية منها والمحافظة على السواء.
لكن اللافت للنظر هنا هو اتساع الظاهرة بشكل كبير، والزيادة الملحوظة من جانب العديد من المراكز الحقوقية المختلفة في الدول العربية من أجل مقاومة ومناهضة الظاهرة، إلى الحد الذي يجعل منها موضوعا ساخنا على قائمة المناقشات البرلمانية العربية في القريب العاجل من أجل إصدار التشريعات الجديدة المغلظة للعقوبات والمتشددة تجاه الظاهرة.
ولا يهدف المركز المصري لحقوق المرأة إلى مقاومة الظاهرة فقط من خلال الإنترنت لكنه يحاول حشد شخصيات عامة إضافة إلى العديد من منظمات المجتمع الأهلية من أجل العمل على إصدار تشريعات جديدة تهدف للحد منها. كما أن البرلمان المغربي سوف يناقش في دورته القادمة مشروع التصديق على مشروع قانون يجرم التحرش الجنسي ويعاقب المتورطين فيه بالسجن وبغرامة مالية.
وأغلب الظن أن بقية الدول العربية سوف تحذو حذو مصر والمغرب عما قريب؛ فالظاهرة لم تعد تتعلق بدولة دون أخرى وبسياق اجتماعي دون آخر بقدر ما استفحلت بدرجة كبيرة ومخيفة تشمل كل الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية والعمرية المختلفة.
ما هو التحرش الجنسي؟ وما هي الأسباب المؤدية لحدوثه؟ وكيف يمكن التغلب عليه والحد من انتشاره ورفضه مجتمعيا؟
يعني التحرش الجنسي كل سلوك معنوي أو مادي، يتم عن طريق الملاحقة والمطاردة والضغط والترهيب والابتزاز واستغلال النفوذ وتعمد الإساءة إلى السمعة وإطلاق الإشاعات المغرضة والمحطة والمهينة، يقوم به أحد الجنسين، رجلا كان أو امرأة، تجاه الطرف الآخر. كما يمكن أن يحدث بين أبناء الجنس الواحد، كأن يتحرش رجل برجل مثله أو بطفل صغير أو تتحرش امرأة بامرأة أخرى من بنات جنسها، من أجل الحصول على متعة جنسية أيا كانت درجتها أو مستوياتها.
وفي تفصيل هذا التعريف يمكن القول بأن التحرش الجنسي قد يشمل النظرات أو التلميحات أو الكلمات أو النكات الفاضحة والمخلة، كما قد يشمل عبارات المديح والثناء والإطراء التي قد لا يقبلها الطرف الآخر، من قبيل الحديث عن الملبس أو الرائحة أو طلاء الوجه أو روعة القوام أو نعومة الكلام أو الذوق أو طريقة السير إلى آخره من مثل تلك العبارات المتبادلة بين الزوجين.
والتي يحاول أحد الأطراف ممارستها تجاه طرف لا يمت له بصلة شرعية ولا يقبلها في الوقت نفسه. كما أنه قد يتعدى هذا المستوى المعنوي إلى المستوى المادي الذي يشمل اللمس المباشر والتحرش بالجسد أيا كان موضع اللمس.
ولا يتم التحرش الجنسي من أجل الاستمتاع بالنظرات والكلمات والإطراء، وإن كانت هذه أدواته الأولى المبكرة، لكنه يهدف في النهاية إلى جسد الطرف الآخر. فالبداية معنوية لكنها ترمي في النهاية إلى الغاية المادية ممثلة في الجسد.
من هنا تبدو كل الجوانب المعنوية وسائل لتحقيق غاية الوصول لهذا الجسد. وهذا ما يجب أن يضعه المشرع في اعتباره من حيث إن مقدمات الإغواء والرغبة في الإيقاع بالطرف الآخر أشد خطورة من الوصول إلى مرحلة الغواية والإيقاع ذاتها، فالتساهل تجاه الوسائل والمقدمات المعنوية مسألة بالغة الخطورة تستدعي التصحيح والمواجهة الحادة والمباشرة. ففي الغالب الأعم لا يوجد تحرش مباشر باللمس بقدر ما يتم ذلك عبر الوسائط المعنوية سالفة الذكر.
من هنا فإن إحدى آليات التحرش المهمة أنه متدرج لا يبدأ مباشرة وبشكل فجائي لكنه يشبه تلك العلاقة بين الصياد والفريسة، فلا بد من نصب الشباك في البداية، وتغيير أوضاعها حسب درجة مقاومة الضحية ومدى تقبلها لما يفرضه الصياد من عدمه.
وإذا كان التحرش الجنسي يشتمل على الجانبين المعنوي والمادي، فإنه يمتلك العديد من الآليات التي يتم من خلالها. ومن أهم تلك الآليات هي الملاحقة والمطاردة، فإذا كانت المعاكسات التي تتم في الشارع عابرة، قد تتم لمرة واحدة فقط، أو حتى لعدة مرات، فإن التحرش في العمل أو في أماكن الدراسة يعتمد بالأساس على الملاحقة والمطاردة المستمرة التي تحيل حياة الطرف الآخر إلى جحيم وهم بالليل والنهار.
من هنا فإن التحرش هو في التحليل النهائي عبارة عن معركة أو تحد يثابر من خلالها أحد الأطراف في سبيل النيل من الطرف الآخر. ورغم الصعوبات المرتبطة بإثبات العديد من حالات التحرش الجنسي فإنه وفقا للآليات التي يتم من خلالها جريمة مع سبق الإصرار والترصد من أجل الإيقاع بالطرف الآخر والتغرير والتمثيل به. ولأنه معركة فإنه لا يقف فقط عند آليات الملاحقة والمطاردة بل يتعداها إلى أية وسائل أخرى تساعد على الإيقاع بالطرف الآخر مثل الترهيب المباشر والابتزاز واستغلال النفوذ، خصوصا في أماكن العمل والدراسة.
ولا يرتبط التحرش الجنسي بطرف دون آخر؛ فالرجل قد يتحرش بالمرأة كما قد تتحرش المرأة بالرجل، لكن آليات التحرش بين الجنسين مختلفة، وإن كانت تتفق في الغاية النهائية ألا وهي الإيقاع بالطرف الآخر.
ورغم أن مسألة التحرش الجنسي ترتبط تاريخيا بالرجال، فإننا لا يجب أن نهمل أية أشكال للتحرش الجنسي قد تمارسها المرأة ضد الرجل. وفي هذا السياق نشير إلى ذلك القدر الهائل من الإباحية والخلاعة التي تتعمدها وتنتهجها الكثير من النساء والفتيات في الملبس والسير وطلاء الوجه وطريقة التحدث، وهو ما يؤدي بنا لنوع آخر من التحرش يمكننا أن نطلق عليه التحرش الجنسي غير المباشر.
وهو تحرش يعتمد أيضا مقدمات الإغواء ويفتح الطريق واسعا وممهدا ومفروشا أمام الرجال لممارسة التحرش الجنسي المباشر، وهو الأمر الذي يستدعي الحديث عن الأسباب المؤدية للتحرش الجنسي في عالمنا العربي على وجه الخصوص.
cdabcd