عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم”. (رواه البخاري ومسلم)
ما أروعه من معنى، وما أجمله من تصوير، تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان وإن من البيان لسحرا. صورة حية صادقة للجليس، فالجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه النفس ويطمئن به الفؤاد وتنتعش الروح طربا لحديثه وتنعم بمجالسته وتسعد بصحبته، إنه عدة في الرخاء وزينة في الشدة وبلسم الفؤاد وراحة النفس. صحبة الصالحين بلسم قلبي: انها للنفوس أعظم راقي.
وقد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره ويغمرك بنشره فإما ان يهديك وإما أن تجد عنده ريحا طيبة فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة، أما جليس السوء فليس هناك أبلغ من تشبيهه بالحداد الذي ينفخ بكيره فأنت معه في خسارة دائمة فإن لم يحرقك بناره أحرقك بشرارة فصحبته همٌ دائمٌ وحزنٌ لازم، والرسول صلى الله عليه وسلم: عندما يقول مثل الجليس يقصد بالجليس الصالح هنا الصديق الفاضل المتحلي بالأخلاق الكريمة وكذلك جليس السوء الصاحب السيئ وحامل المسك هو بائع العطور وهو يقابل الحداد نافخ الكير واستخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للفعل المضارع الذي يدل على الحال والاستقبال في قوله تبتاع منه أي تشتري منه وهو فعل مضارع من باب الافتعال للمبالغة في طلب البيع.
يقدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في لوحة فنية ذات مشهدين: المشهد الأول يتكون من صورة شمية تتناثر فيها رائحة المسك الطيبة وثمة صداقة حميمة تم التعبير عنها بالشراء ومجالسة سريعة تم التعبير عنها بالشم من بعيد.
والمشهد الثاني يتكون من صورة حرارية تتكئ في تشكيلها على المشاهدات الصناعية، وكأن الجليس الطالح ينفخ في أعماق جليسه فيشعل نيران الغضب والحقد والحسد والشهوة، وينفث في روعه كل المشاعر الحميمة التي عبر عنها بالنار أو الجمر الذي ينفخه الحداد وهذا يشير إلى العذاب الأخروي في نار جهنم فتخرج المفردة عن نطاقها المعجمي بوساطة التركيب الفني وبوساطة الدلالة الدينية لها.
ومن إضاءات النص في التعبير “ريح خبيثة” وتشخيص قائم على الاستعارة، حتى كأن هذه الريح تمتلك طوية فاسدة كالإنسان، ثم إن الجليس الصالح يذهب وتظل رائحته لأن المسك يتجاوز مكانه وحرفة الحدادة تدل على القسوة والسواد وترتبط بالدخان الخانق، وقد تم التعارض بين مكانين:
الأول: ضيق مغلق ومحدود هو دكان الحداد، والثاني: متسع يبعث على الراحة ففضاء الرائحة متسع مع تنقل الرائحة في المكان الواحد، ومع تنقل البائع هنا وهناك فالجليس الصالح خير متوالد شمولي، وكما تم تعارض في هذا النص بين المشموم من جهة، والملموس من جهة أخرى، فهذا يعني أن الصورة الشمية باردة عند صاحب المسك مما يذكر ببرد اليقين، وحارة عند صاحب الكير مما يذكر بنار القوة الغضبية، والشهوات ونار جهنم، والشم يوحي بالرقي إذا كان المشموم المسك.
وكذلك الجليس الصالح كمثل رائحة المسك التي إذا شممتها تستريح لها اعضاء وعضلات الوجه وتتفتح لها ربوع القلب والوجدان هذا مثل الجليس الصالح الذي يدعونا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) إلى الجلوس معه بإشارته إلى حاسة الشم التي تطيب النفس، فحديثه له رائحة المسك التي تؤثر في القلب.
أما كير الحداد فيعبر عن جليس السوء ولو كان صديقا مقربا لا يطيل إليه الجلوس إلا من كان همجيا بليدا لا يفرق بين بارد وساخن أو بين الطيب والنتن، إذ إن كير الحدادة ينفر الوجه من مادة الحدادة ويتقطب عنده الجبين.
ولم تقتصر الصورة الحرارية في الحديث النبوي على جوانب الترهيب في وصف نار جهنم أو التخويف منها بل ذكر أفعالاً مؤدية إليها برموز حرارية مثل (كير - نار) فربما كانت النار كائنا مطهرا وعنصرا خيراً في الدنيا لكنها في الآخرة عذاب وهلاك.
فالتشكيل الفني في الحديث الشريف اعتمد على الطبيعة الصناعية لتقريب الصورة من الأذهان وتأثيرها في النفوس وقانا الله وإياكم من النار ومما يقرب إليها من قول أو عمل، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
ما أروعه من معنى، وما أجمله من تصوير، تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان وإن من البيان لسحرا. صورة حية صادقة للجليس، فالجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه النفس ويطمئن به الفؤاد وتنتعش الروح طربا لحديثه وتنعم بمجالسته وتسعد بصحبته، إنه عدة في الرخاء وزينة في الشدة وبلسم الفؤاد وراحة النفس. صحبة الصالحين بلسم قلبي: انها للنفوس أعظم راقي.
وقد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره ويغمرك بنشره فإما ان يهديك وإما أن تجد عنده ريحا طيبة فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة، أما جليس السوء فليس هناك أبلغ من تشبيهه بالحداد الذي ينفخ بكيره فأنت معه في خسارة دائمة فإن لم يحرقك بناره أحرقك بشرارة فصحبته همٌ دائمٌ وحزنٌ لازم، والرسول صلى الله عليه وسلم: عندما يقول مثل الجليس يقصد بالجليس الصالح هنا الصديق الفاضل المتحلي بالأخلاق الكريمة وكذلك جليس السوء الصاحب السيئ وحامل المسك هو بائع العطور وهو يقابل الحداد نافخ الكير واستخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للفعل المضارع الذي يدل على الحال والاستقبال في قوله تبتاع منه أي تشتري منه وهو فعل مضارع من باب الافتعال للمبالغة في طلب البيع.
يقدم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في لوحة فنية ذات مشهدين: المشهد الأول يتكون من صورة شمية تتناثر فيها رائحة المسك الطيبة وثمة صداقة حميمة تم التعبير عنها بالشراء ومجالسة سريعة تم التعبير عنها بالشم من بعيد.
والمشهد الثاني يتكون من صورة حرارية تتكئ في تشكيلها على المشاهدات الصناعية، وكأن الجليس الطالح ينفخ في أعماق جليسه فيشعل نيران الغضب والحقد والحسد والشهوة، وينفث في روعه كل المشاعر الحميمة التي عبر عنها بالنار أو الجمر الذي ينفخه الحداد وهذا يشير إلى العذاب الأخروي في نار جهنم فتخرج المفردة عن نطاقها المعجمي بوساطة التركيب الفني وبوساطة الدلالة الدينية لها.
ومن إضاءات النص في التعبير “ريح خبيثة” وتشخيص قائم على الاستعارة، حتى كأن هذه الريح تمتلك طوية فاسدة كالإنسان، ثم إن الجليس الصالح يذهب وتظل رائحته لأن المسك يتجاوز مكانه وحرفة الحدادة تدل على القسوة والسواد وترتبط بالدخان الخانق، وقد تم التعارض بين مكانين:
الأول: ضيق مغلق ومحدود هو دكان الحداد، والثاني: متسع يبعث على الراحة ففضاء الرائحة متسع مع تنقل الرائحة في المكان الواحد، ومع تنقل البائع هنا وهناك فالجليس الصالح خير متوالد شمولي، وكما تم تعارض في هذا النص بين المشموم من جهة، والملموس من جهة أخرى، فهذا يعني أن الصورة الشمية باردة عند صاحب المسك مما يذكر ببرد اليقين، وحارة عند صاحب الكير مما يذكر بنار القوة الغضبية، والشهوات ونار جهنم، والشم يوحي بالرقي إذا كان المشموم المسك.
وكذلك الجليس الصالح كمثل رائحة المسك التي إذا شممتها تستريح لها اعضاء وعضلات الوجه وتتفتح لها ربوع القلب والوجدان هذا مثل الجليس الصالح الذي يدعونا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) إلى الجلوس معه بإشارته إلى حاسة الشم التي تطيب النفس، فحديثه له رائحة المسك التي تؤثر في القلب.
أما كير الحداد فيعبر عن جليس السوء ولو كان صديقا مقربا لا يطيل إليه الجلوس إلا من كان همجيا بليدا لا يفرق بين بارد وساخن أو بين الطيب والنتن، إذ إن كير الحدادة ينفر الوجه من مادة الحدادة ويتقطب عنده الجبين.
ولم تقتصر الصورة الحرارية في الحديث النبوي على جوانب الترهيب في وصف نار جهنم أو التخويف منها بل ذكر أفعالاً مؤدية إليها برموز حرارية مثل (كير - نار) فربما كانت النار كائنا مطهرا وعنصرا خيراً في الدنيا لكنها في الآخرة عذاب وهلاك.
فالتشكيل الفني في الحديث الشريف اعتمد على الطبيعة الصناعية لتقريب الصورة من الأذهان وتأثيرها في النفوس وقانا الله وإياكم من النار ومما يقرب إليها من قول أو عمل، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.