[size=25]نزول القرآن على سبعة أحرف
يهمنا بعد الذي أسلفنا إليك أن نبين لك معنى الجملة الشريفة : << إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف >> . فإليك :
أما لفظ القرآن فقد أشبعنا كلاما في المبحث الأول . و أماالإنزال فقد استوفيناه تحقيقا في المبحث الثالث . و أما السبعة فقد علمت في الشاهد الثاني من الشواهد الماضية أن المراد حقيقتها ، و هي : العدد المعروف في الآحاد بين الستة و الثمانية . و أما الأحرف فجمع حرف ، و الحرف يطلق على معان كثيرة ، أتى عليها صاحب القاموس إذ يقول ما نصه : << الحرف من كل شيء طرفه ، و شفيره ، و حده ، و من الجبل أعلاه المحدد ، و واحد حروف التهجي ، و الناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ، و مسيل الماء ، و لآرام سود ببلاد سليم . و عند النحاة ما جاء لمعنى ليس باسم و لا فعل : << و من الناس من يعبد الله على حرف >> أي : وجه واحد ، و هو أن يعبده على السراء لا على الضراء ، أو على شك ، أو على غير طمأنينة من أمره ، أي : لا يدخل في الدين متمكنا .
<< و نزل القرآن على سبعة أحرف >> : سبع لغات من لغات العرب . << و ليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه و إن جاء على سبعة أو عشرة أو أكثر . و لكن معناه أن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن >> اهـ بتصرف قليل . و هذه الإطلاقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف من قبيل المشترك اللفظي يراد به أحد معانيه التي تعينها القرائن و تناسب المقام .
أما لفظ القرآن فقد أشبعنا كلاما في المبحث الأول . و أماالإنزال فقد استوفيناه تحقيقا في المبحث الثالث . و أما السبعة فقد علمت في الشاهد الثاني من الشواهد الماضية أن المراد حقيقتها ، و هي : العدد المعروف في الآحاد بين الستة و الثمانية . و أما الأحرف فجمع حرف ، و الحرف يطلق على معان كثيرة ، أتى عليها صاحب القاموس إذ يقول ما نصه : << الحرف من كل شيء طرفه ، و شفيره ، و حده ، و من الجبل أعلاه المحدد ، و واحد حروف التهجي ، و الناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ، و مسيل الماء ، و لآرام سود ببلاد سليم . و عند النحاة ما جاء لمعنى ليس باسم و لا فعل : << و من الناس من يعبد الله على حرف >> أي : وجه واحد ، و هو أن يعبده على السراء لا على الضراء ، أو على شك ، أو على غير طمأنينة من أمره ، أي : لا يدخل في الدين متمكنا .
<< و نزل القرآن على سبعة أحرف >> : سبع لغات من لغات العرب . << و ليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه و إن جاء على سبعة أو عشرة أو أكثر . و لكن معناه أن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن >> اهـ بتصرف قليل . و هذه الإطلاقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف من قبيل المشترك اللفظي يراد به أحد معانيه التي تعينها القرائن و تناسب المقام .
و أنسب المعاني بالمقام هنا في إطلاقات لفظ الحرف أنه الوجه بالمعنى الذي سنقصه عليك ، لا بالمعنى الذي ذهب إليه صاحب القاموس و غيره من أنه اللغة أو غيرها . فسيأتيك تفنيد هذه الآراء بعد .
ثم إن كلمة ( على ) في قوله صلى الله عليه و سلم : << أنزل القرآن على سبعة أحرف>> تشير إلى أن المسألة على هذا الشرط من التوسعة و التسيير ، أي : أنزل القرآن موسعا فيه على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه ، يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه ، كأنه قال : أنزل على هذا الشرط و هذه التوسعة .
و ليس المراد أن كل كلمة من القرآن تقرأ على سبعة أوجه ، إذا لقال صلى الله عليه و سلم إن هذا القرآن أنزلَ سبعةَ أحرف ، بحذف لفظ ( على ) . بل المراد ما علمت من أن هذا القرآن أنزل على هذا الشرط و هذه التوسعة ، بحيث لا تتجاوز وجوه الاختلاف سبعة أوجه ، مهما كثر ذلك التعدد و التنوع في أداء اللفظ الواحد ، و مهما تعددت القراءات و طرقها في الكلمة الواحدة ، فكلمة << مالك يوم الدين >> التي ورد أنها تقرأ بطرق تبلغ السبعة أو العشرة ، و كلمة << و عبد الطاغوت>> التي ورد أنه تقرأ باثنتين و عشرين قراءة ، و كلمة <<أف >> التي أوصل الرماني لغاتها إلى سبع و ثلاثين لغة ، كل أولئك و أشباه أولئك لا يخرج التغاير فيه على كثرته عن وجوه سبعة .
ثم إن كلمة ( على ) في قوله صلى الله عليه و سلم : << أنزل القرآن على سبعة أحرف>> تشير إلى أن المسألة على هذا الشرط من التوسعة و التسيير ، أي : أنزل القرآن موسعا فيه على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه ، يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه ، كأنه قال : أنزل على هذا الشرط و هذه التوسعة .
و ليس المراد أن كل كلمة من القرآن تقرأ على سبعة أوجه ، إذا لقال صلى الله عليه و سلم إن هذا القرآن أنزلَ سبعةَ أحرف ، بحذف لفظ ( على ) . بل المراد ما علمت من أن هذا القرآن أنزل على هذا الشرط و هذه التوسعة ، بحيث لا تتجاوز وجوه الاختلاف سبعة أوجه ، مهما كثر ذلك التعدد و التنوع في أداء اللفظ الواحد ، و مهما تعددت القراءات و طرقها في الكلمة الواحدة ، فكلمة << مالك يوم الدين >> التي ورد أنها تقرأ بطرق تبلغ السبعة أو العشرة ، و كلمة << و عبد الطاغوت>> التي ورد أنه تقرأ باثنتين و عشرين قراءة ، و كلمة <<أف >> التي أوصل الرماني لغاتها إلى سبع و ثلاثين لغة ، كل أولئك و أشباه أولئك لا يخرج التغاير فيه على كثرته عن وجوه سبعة .
* * * * * *
الوجوه السبعة في المذهب المختار
بقي علينا أن نتساءل : ما هي تلك الوجوه السبعة التي لا تخرج القراءات عنها مهما كثرت و تنوعت في الكلمة الواحدة ؟
هنا يحتدم الجدال و الخلاف ، و يكثر القيل و القال .
و الذي نختاره – بنور الله و توفيقه – من بين تلك المذاهب و الآراء هو ما ذهب إليه الإمام أبو الفضل الرازي في اللوائح ، إذا يقول :
" الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف
الأول : اختلاف الأسماء من إفراد ، و تثنية ، و جمع ، و تذكير ، و تأنيث
الثاني : اختلاف تصريف الأفعال من ماض ، و مضارع ، و أمر .
الثالث : اختلاف وجوه الإعراب .
الرابع : الاختلاف بالنقص و الزيادة .
الخامس : الاختلاف بالتقديم و التأخير .
السادس :الاختلاف بالإبدال
السابع : اختلاف اللغات << يريد اللهجات >> كالفتح و الإمالة ـ و الترقيق و التفخيم ، و الإظهار و الإدغام و نحو ذلك" . اهـ
غير أن النقل كما ترى لم يشفع لنا بتمثيل فيما عثرنا . – فضلت عدم ذكر الأمثلة طلبا للاختصار و من أرادها فعليه بالكتاب –
* * * * * *
لماذا اخترنا هذا المذهب
و إنما اخترنا هذا المذهب لأربعة أمور :
أحدها : أنه هو الذي تؤيده الأدلة في الأحاديث العشرة الماصية و ما شابهها .
ثانيها : أنه هو الراجح في تلك الموازين التي أقمناها شواهد بارزة من تلك الأحاديث الواردة . فارجع النظر إليها ، و لا داعي لإعادتها . أما المذاهب الأخرى فسترى أن التوفيق أخطأها في رعاية تلك الأدلة أو بعضها ، و ستطيش بين يديك في موازين هذه الشواهد قليلا أو كثيرا .
ثالثا : أن هذا المذهب يعتمد على الاستقراء التام لاختلاف القراءات و ما ترجع إليه من الوجوه السبعة بخلاف غيره فإن استقراءه ناقص أو في حكم الناقص . فكلمة <<أف >> التي أوصلها الرماني إلى سبع و ثلاثين لغة يمكن رد لغاتها جميعا إلى هذه الوجوه السبعة و لا تخرج عنها . و كذلك الاختلاف – في اللهجات – و هو اختلاف شكلي يرد ٌ إليها و لا يخرج عنها . بخلاف الآراء الأخرى فإنه يتعذر أو يتعسر الرجوع بالقراءات كلها إليها . و ليس من صواب الرأي أن يحصر النبي صلى الله عليه و سلم الأحرف التي نزل عليها القرآن في سبعة ثم نترك نحن طرقا في القراءات المروية عنه دون أن نردها إلى السبعة ، لأن ذلك يلزمه أحد خطرين : فإما أن تكون تلك الطرق المقروء بها غير نازلة ، و إما أن يكون هنا حرف نازل وراء السبعة الأحرف التي نزل عليها القرآن ، و يكون الحصر في كلام الرسول صلى الله عليه و سلم غير صحيح . و كلا هذين خطأ عظيم و إثم كبير .
رابعها : أن هذا الرأي لا يلزمه محذور من المحذورات الآتية التي يستهدف لها الأقوال الأخرى ، و سنزجيها إليك قريبا ، فاصبر و ما صبرك إلا بالله .
الوجوه السبعة في المذهب المختار
بقي علينا أن نتساءل : ما هي تلك الوجوه السبعة التي لا تخرج القراءات عنها مهما كثرت و تنوعت في الكلمة الواحدة ؟
هنا يحتدم الجدال و الخلاف ، و يكثر القيل و القال .
و الذي نختاره – بنور الله و توفيقه – من بين تلك المذاهب و الآراء هو ما ذهب إليه الإمام أبو الفضل الرازي في اللوائح ، إذا يقول :
" الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف
الأول : اختلاف الأسماء من إفراد ، و تثنية ، و جمع ، و تذكير ، و تأنيث
الثاني : اختلاف تصريف الأفعال من ماض ، و مضارع ، و أمر .
الثالث : اختلاف وجوه الإعراب .
الرابع : الاختلاف بالنقص و الزيادة .
الخامس : الاختلاف بالتقديم و التأخير .
السادس :الاختلاف بالإبدال
السابع : اختلاف اللغات << يريد اللهجات >> كالفتح و الإمالة ـ و الترقيق و التفخيم ، و الإظهار و الإدغام و نحو ذلك" . اهـ
غير أن النقل كما ترى لم يشفع لنا بتمثيل فيما عثرنا . – فضلت عدم ذكر الأمثلة طلبا للاختصار و من أرادها فعليه بالكتاب –
* * * * * *
لماذا اخترنا هذا المذهب
و إنما اخترنا هذا المذهب لأربعة أمور :
أحدها : أنه هو الذي تؤيده الأدلة في الأحاديث العشرة الماصية و ما شابهها .
ثانيها : أنه هو الراجح في تلك الموازين التي أقمناها شواهد بارزة من تلك الأحاديث الواردة . فارجع النظر إليها ، و لا داعي لإعادتها . أما المذاهب الأخرى فسترى أن التوفيق أخطأها في رعاية تلك الأدلة أو بعضها ، و ستطيش بين يديك في موازين هذه الشواهد قليلا أو كثيرا .
ثالثا : أن هذا المذهب يعتمد على الاستقراء التام لاختلاف القراءات و ما ترجع إليه من الوجوه السبعة بخلاف غيره فإن استقراءه ناقص أو في حكم الناقص . فكلمة <<أف >> التي أوصلها الرماني إلى سبع و ثلاثين لغة يمكن رد لغاتها جميعا إلى هذه الوجوه السبعة و لا تخرج عنها . و كذلك الاختلاف – في اللهجات – و هو اختلاف شكلي يرد ٌ إليها و لا يخرج عنها . بخلاف الآراء الأخرى فإنه يتعذر أو يتعسر الرجوع بالقراءات كلها إليها . و ليس من صواب الرأي أن يحصر النبي صلى الله عليه و سلم الأحرف التي نزل عليها القرآن في سبعة ثم نترك نحن طرقا في القراءات المروية عنه دون أن نردها إلى السبعة ، لأن ذلك يلزمه أحد خطرين : فإما أن تكون تلك الطرق المقروء بها غير نازلة ، و إما أن يكون هنا حرف نازل وراء السبعة الأحرف التي نزل عليها القرآن ، و يكون الحصر في كلام الرسول صلى الله عليه و سلم غير صحيح . و كلا هذين خطأ عظيم و إثم كبير .
رابعها : أن هذا الرأي لا يلزمه محذور من المحذورات الآتية التي يستهدف لها الأقوال الأخرى ، و سنزجيها إليك قريبا ، فاصبر و ما صبرك إلا بالله .
[/size]