وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً
من عجائب الدماغ أن الله زوده بنظام محكم لاستجابة الأبوين لبكاء الأطفال، وهذه الاستجابة أكبر لدى الأم، وهذا ما أشار إليه الحبيب الأعظم، لنقرأ ونحمد الله تعالى.....
]هذا خبر علمي جديد أحببت أن أنقله وأعلق عليه لما فيه من العبرة، وقد ندرك شيئاً من أسرار البر بالأبوين، وبخاصة في زمن كهذا فقد معظم المسلمين الإحساس بالذل أمام الأبوين ونسوا حقهما في الإحسان والدعاء والمودة. فالخبر يقول: "مناطق بالمخ تستجيب لبكاء الأطفال" فقد اكتشف فريق من العلماء أن مخ الأبوين وبخاصة الأم أكثر استجابة لبكاء الأطفال. واستخدم فريق العلماء من جامعة بازل أسلوبا معقداً للمسح لقياس استجابة المخ لبكاء الأطفال وضحكهم.
*بكاء الأطفال يثير الأم أكثر من الأب
أظهر أحد أساليب القياس أن بكاء الأطفال الرضع يثير رد فعل لدى الآباء أقوى من أولئك الذين لم يرزقوا بعد بأطفال. كما أظهرت الدراسة أن الأمهات يستجبن بصورة أكبر من الرجال لبكاء الأطفال وضحكهم. وخلص العلماء أثناء بحثهم الأخير الذي نشر في مجلة "طب الأطفال الحيوي" إلى أن بكاء الأطفال يثير نشاط منطقة معينة بمخ الوالدين. وتلعب تلك المنطقة في المخ التي تحمل اسم "أميجدالا" دوراً في إحساس الإنسان بالعواطف المختلفة.
وأثبتت الدراسة أن منطقة "أميجدالا" لدى الرجال والنساء الذين لم يرزقوا بعد بأطفال يزداد نشاطها إلى حد ما استجابة لضحك الأطفال الرضع أكثر من استجابتها لبكائهم.
*والآن لنتوقف مع الحبيب...
لقد أوصى النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم بالأم ثلاث مرات وبالأب مرة، وربما نجد في ذلك إشارة إلى أن الجهد الذي تبذله الأم في تربية الأطفال واستجابة دماغها لهم وعطفها عليهم، أكبر من الأب، ولذلك عندما جاءه ذلك الأعرابي وقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال (أمك... ثم أمك... ثم أمك... ثم أبوك). من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقائق، ولو كان رسول الله يريد الشهرة أو المال أو الجاه، لمال باتجاه الرجال وليس النساء، لأن الزمن الذي بُعث فيه كانت المرأة مضطهدة وليس لها أي حق، فأعطاها أهم حق وهو حسن الصحبة، وهذا هو الإسلام، ويكرم المرأة بعكس الغرب الذي جعل من المرأة وسيلة لكسب المال والدعاية والإعلانات والأزياء والفن والاستمتاع .. هذه هي المرأة بالنسبة لهم، ولكن بالنسبة لنا المرأة هي الأم التي كرَّمها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه رسول من عند الله.
لقد أوصى النبي ببرّ الوالدين، بل جعل عقوق الوالدين من أكبر الكبائر! فقال لذلك الأعرابي عندما سأله عن الكبائر فقال: (الإشراك بالله ثم عقوق الوالدين...)، انظروا إلى هذا النبي الكريم كيف يضع عقوق الأبوين بعد الشرك بالله مباشرة، وذلك ليدلنا على اهتمام الإسلام بالأبوين، وعندما سئل عن أحب الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها... وبر الوالدين...)، وقد جاءت الاكتشافات الحديثة لتؤكد ذلك، حيث أن مراكز الرحمة والعطف موجودة لدى الأبوين، وغير موجودة لدى الأبناء، ولذلك أوصى الله ببر الوالدين والدعاء لهما.
وتأملوا معي هذا النص الرائع: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24].
هذا النص تضمّّن سبعة حقائق (والرقم سبعة له مدلول عظيم في القرآن)، واحدة لله وستة للوالدين!!! لنجزّئ هذا النص كما يلي:
1- (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ): أمر بعبادة الله تعالى.
2- (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا): أمر بالإحسان للوالدين.
3- (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ): نهي عن إيذاء الأبوين حتى بكلمة (أفّ).
4- (وَلَا تَنْهَرْهُمَا): نهي عن نهر الأبوين والإساءة لهما بالكلام والفعل.
5- (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا): أمر بأن نقول لهما قولاً حسناً وكريماً.
6- (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ): أمر بأن نبرَّ بالوالدين لدرجة التذلل أمامهما!
7- (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا): أمر بالدعاء للأبوين.