منتدى صناع النجاح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بجميع التلاميذ إلى هذا الفضاء من أجل التحاور والتشاور وتبادل الأراء والمعلومات


    توجيهات الإسلام في معالجة الفقر

    avatar
    charkout-yasser


    المساهمات : 247
    تاريخ التسجيل : 18/02/2009

    توجيهات الإسلام في معالجة الفقر Empty توجيهات الإسلام في معالجة الفقر

    مُساهمة  charkout-yasser الأحد مارس 22, 2009 8:12 am

    توجيهات الإسلام في معالجة الفقر


    من المشاكل التي تعتبر قديمة جديدة، وعالجها المصلحون منذ قرون هي كيف يسعد البشر؟ وكيف يعيش الناس في هذه الحياة وادعين مطمئنين؟ يقينا لا سبيل إلى الحياة الوادعة، والعيش الرغد إلا بإزالة ثلاثة أعداء الإنسان: الفقر، والجهل، والمرض. فكيف عالج الإسلام هذه المخاطر؟

    لقد شرّع الاسلام تشريعا متينا ليتصدى للفقر بفرض فريضة في الإانفاق وتحريك سواكن الإنسان، فالفريضة هي الزكاة التي هي ركن من أركان الدين، وركيزة من ركائزه، والمسلم الذي لم يؤد هذه الفريضة عن طيبة نفس يبقى إسلامه ناقصا.. والامتناع عن أداء الزكاة هو انحراف عن شريعة الإسلام، فقد قال الله تعالى "ويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون" "فصلت آيتان 6-7".

    وأداء الزكاة سبب لنيل الرحمة من الله تعالى إذ قال "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون" "النور آية 56" ووعد الله من يؤدّون هذا الحق فينصرون الله بأنهم يستحقون التمكين في الأرض، فقد قال عز وجل "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" "الحج آيتان 40-41".

    فالملاحظ أن الإسلام دعا كل مسلم أن يكون مليء اليد، موفور النعمة يستطيع إخراج الزكاة ليسهم في كل خير؛ وفي هذا إغراء بتجويد العمل وإتقانه، وفيه تعظيم للعامل والعمل، إذ جعلهما موضع النظر والترقب، فقال عز وجل "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" "الملك آية 15".

    والاسلام أمر بالسعي فورا بعد أداء الصلاة المحتومة، فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" "الجمعة آيتان 9-10".

    كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه فمر عليهم رجل طويل موفور النشاط فجعل الصحابة يتحدثون فيه قالوا: "يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله" فقال صلى الله عليه وسلم "إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان".

    انظروا معي هذين المشهدين للدلالة على أن الإسلام دين العمل والكسب لا دين البطالة والتواكل، فعن أنس قال "كنا مع النبي في سفره فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلاٍّ صاحب الكساء، فمنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوّام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله"". وذكر للنبي رجل كثير العبادة فقال: "من يقوم به"؟ قالوا "أخوه" قال "أخوه أعبد منه".

    لم يكن هذا من محمد عليه الصلاة والسلام استهانة بأمر الصوم والصلاة، ولكن إداركا لحقيقة روح هذا الدين الذي يعمل للحياة، كما يعمل للعقيدة فيمزج العقيدة بالحياة، ولا يقف بها في معزل وجداني في عالم الضمير. وبلغ تقديس الرسول للعامل، والإشارة إلى عظيم مكانته أن قبّل يد عامل ظهر فيها آثار العمل وقال: "هذه يد يحبها الله ورسوله" وقال عليه الصلاة والسلام "من بات كالاّ من عمل يده بات مغفورا له". ويقول "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" ويقول "اليد العليا خير من اليد السفلى".

    هكذا فهم المسلمون مقاصد الإسلام، فقد روي أن إبراهيم بن أدهم وهو من أئمة التصوف اجتمع في مكة بشقيق البلخي الزاهد المشهور فقال له إبراهيم: "ما بدو أمرك الذي بلغك هذا؟" قال شقيق "سرت في بعض الفلوات يوما، فرأيت طائرا مكسور الجناحين في فلاة من الأرض، فقلت: أنظر من أين يرزق؛ فجلست حذاءه، فإذا أنا بطائر قد أقبل وفي منقاره جرادة فوضعها في منقار الطير المكسور الجناحين، فقلت في نفسي يا نفس إن الذي قيّض هذا الطائر الصحيح لهذا الطائر المكسور الجناحين في فلاة من الأرض هو قادر على أن يرزقني حيثما كنت فتركت الكسب، واشتغلت بالعبادة" فقال إبراهيم "يا شقيق ولم لا تكون أنت الطائر الصحيح الذي أطعم العليل حتى تكون أفضل منه؟ أما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليد العليا خير من اليد السفلى".

    هذه لمحة خاطفة في الترغيب والعمل والحض عليه، فالكسب من طريق مشروع أعز كسب لكن لا يكون المسلم أنانيا يخزن ما كسب بل عليه أن يعين ويساعد المحتاج بالزكاة لتحقيق الأخوة والمحبة والاستقرار. وقد رغب الإسلام في البذل والإنفاق زيادة على الزكاة المفروضة فجعل الصدقة قرضا لله تعالى نفسه مضمون الوفاء فقال تعالى "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون" "البقرة آية 245" ووعد أن اللإنفاق تجارة رابحة فقال تعالى "إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله" "فاطر آيتان 29-30".

    وجعل الإسلام منع الخير اعتداء وإثما، فقال تعالى "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب" "ق آيتان 24-25" والبر يؤدي إلى الجنة ويجتاز بالبار عقبة كؤودا لا يقطعها، وينجو من شدتها إلا من له باع طويل في الإنفاق، ويد سمحة في البذل، قال تعالى "وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة" "البلد آيات 12-16"...

    وقد توسع الإسلام في موضوع البر والإحسان فجعل البر عطفا إنسانيا شاملا لا يقتصر على الأخوة الدينية، إذ قال تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" "الممتحنة آية 8" وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لن تؤمنوا حتى ترحموا" قالوا: "يا رسول الله كلنا رحيم" قال "إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة عامة الناس".

    بهذا الأسلوب عالج الإسلام الفقر وحرك السواكن، وحين يقوم الإنسان بهذه الآداب الكريمة فإن له كرامته وحريته المصونة في نظر الإسلام وينطبق عليه قول الله تعالى "ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" "الإسراء آية 70" والكرامة كانت بجنسهم لا بأشخاصهم ولا بعناصرهم ولا بقبائلهم ولا بوظائفهم، ولا برتبهم، فالكرامة للجميع على سبيل المساواة المطلقة؛ فكلكم لآدم وآدم من تراب. فلا سخرية، ولا لمز، ولا نبز بالألقاب؛ ومن أخلاق الحرية الاستئذان قبل الدخول إلى بيوت الغير وهذا عمر بن الخطاب يقل لواليه "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".

    وأخيرا أقول قول الحق: في الزكاة حق وواجب، حق للمحتاج فرضه الله وواجب على الغني فرضه الله؛ فإذا قام المسلمون بواجباتهم نال المحتاجون حقوقهم، ولهذا قيل "الإسلام دين واجبات".

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 8:11 am